كوريا الشمالية وكوبا والمكسيك- مغامرات بين الفضول والحذر

المؤلف: خالد السليمان10.13.2025
كوريا الشمالية وكوبا والمكسيك- مغامرات بين الفضول والحذر

من بين الدول التي تثير فضولي الجامح وتشعل رغبتي العميقة في استكشافها تبرز كوريا الشمالية، إلا أن وطأة التحذيرات المتزايدة وأخبار الاعتقالات والمحاكمات التي تطال بعض الزوار الأجانب تدفعني للتريث والتفكير ملياً، مردداً المثل الشعبي «وش حادني»، مما يؤجل باستمرار تحقيق هذه الأمنية!

لقد شاهدت العديد من المقاطع المصورة التي أنتجها سياح غربيون قاموا بزيارة كوريا الشمالية عبر الصين، وذلك من خلال رحلات منظمة تنظمها شركات سياحية صينية. الغالبية العظمى من هذه المقاطع كانت من إعداد أشخاص يظهر عليهم ولع شديد بخلق جو من الإثارة المصطنعة والمبالغ فيها لرحلاتهم السياحية، بالإضافة إلى الرقابة الصارمة والملازمة التي كانت تحيط بهم طوال فترة إقامتهم!

في واقع الأمر، أعتقد أن الكثير من المعلومات السلبية التي تنشرها وسائل الإعلام الغربية بخصوص الحياة الاجتماعية في كوريا الشمالية تستلزم المزيد من التحقق والتمحيص، حيث يبدو أن بعضها يتسم بقدر كبير من المبالغة والانحياز، ويأتي ضمن سياق الحرب الإعلامية المحتدمة بين المعسكرين الشرقي والغربي!

كوبا تحتل أيضاً مكانة مرموقة في قائمة وجهاتي المرغوبة، وقد نصحني صديق دائم التردد عليها باقتناص فرصة زيارتها قبل أن تعصف رياح التغيير بمعالم وأجواء الخمسينات والستينات التي ميزت الحياة فيها منذ أن تجمد كل شيء تقريباً في كوبا مع وصول فيدل كاسترو إلى السلطة عام 1959 واستمراره فيها لما يقارب الخمسين عاماً. تجدر الإشارة إلى أن كوبا تعتبر أكثر انفتاحاً واستقبالاً للسياح مقارنة بكوريا الشمالية، كما أن الحصول على تأشيرة الدخول إليها متاح عبر الإنترنت بكل سهولة!

إن التجربة المباشرة تفوق الوصف والسماع، ففي شهر نوفمبر المنصرم، قمت بجولة استكشافية في الساحل الغربي للمكسيك، على الرغم من تحذيرات بعض الأهل والأصدقاء من خطر عصابات الكارتل. خلال هذه الجولة، اكتشفت تنوعاً اجتماعياً وثقافياً غنياً بين المدن والقرى والأرياف التي زرتها، وشعرت بالأمان والاطمئنان في كل مكان حللت به، خاصة مع حفاوة وكرم الضيافة التي استقبلني بها السكان المحليون. وقد أطلعني أحدهم على أن جزءاً كبيراً من الأنشطة التجارية والسياحية مملوكة لتلك العصابات، وبالتالي فإن استقرار المنطقة وأمنها يصب في مصلحتهم لجذب المزيد من السياح!

وخلاصة القول، كما قيل قديماً: في السفر سبع فوائد، ولعل الفائدة الثامنة تكمن في استجلاء الحقيقة وكشف الغموض!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة